"نيوتن" الذي لم يأت إلى مصر!

أكثر التلاميذ بلادة في أي مدرسة إعدادي حكومية مسكينة، يعرف قانون " فرحان

تن" الشهير القائل بأن "لكل فعل رد فعل مضاد له في الاتجاه ومكافئ له في القوة"، لكن لا أحد يعرف هل ينطبق هذا القانون علينا في مصر أيضا أم لا؟ وهل الشعب المصري مؤمن فعلا بأنه لا بد أن يكون له "رد فعل" حتى لو كان في "الاتجاه الغلط" و"أضعف في القوة"؟

" فرحان

تن" نفسه لو بعث من قبره وعرف ماذا حدث من "تآكل" لكثير من صفات وملامح الشعب المصري في السنوات العشر الأخيرة، لربما أمسك بلاب توب حديث وأخذ جانبا في كافيه تتوفر فيه خدمة الإنترنت اللاسلكي المجاني واحتسى فنجانا من القهوة التركي المضبوط، قبل أن يخرج على العالم ليعلن وهو في شدة إرهاقه "سوري يا جماعة.. قانوني غلط.. وهذا هو البرهان" مشيرا إلى السائرين في أحد الشوارع المصرية الباسلة!

كاتب هذه السطور مصري طبعا، وهو حينما ينتقد هنا أو هناك إنما ينتقد نفسه بالأساس، لكن –صدقوني يا حضرات- هذه حادثة مروعة تضرب "شهامتنا" و"رجولتنا" و"جدعنتنا" في موطن "عفافها"، وتجعل المرء غير قادر على ضبط ألفاظه وعباراته حتى لا يغضب هذا أو ذاك أو حتى يحمي نفسه من "القضية الموضة" هذه الأيام "إهانة الشعب المصري"- وهي تهمة تشعرك بأن المصريين وحدهم الذين لديهم "كرامة" في هذه الدنيا.. عمرك سمعت عن مواطن يحاكم بسبب إهانة شعبه الأمريكي أو الموزمبيقي مثلا؟!-

أما الحادثة، فهي حادثة اغتصاب، لكنها ليست كتلك التي تحدث كل يوم بشكل روتيني في مصر وكأنها طقس أساسي في حياتنا ككذب المسئولين ودفع الرشى وحوادث الطرق وهزيمة الزمالك، هي حادثة ذات طبيعة خاصة- أستند في ذكر تفاصيلها إلى جريدة الوفد في عدد 25 ديسمبر 2008- جرت وقائعها على طريق القاهرة الفيوم الصحراوي.. هاهو الجاني يبدو الشر في عيونه لأنه فقد للتو خاتما ذهبيا وضع فيه كل تحويشة العمر، كما أنه حالا ترك عمله كخفير على إحدى محطات المحمول، هذه قصة قديمة سيقول فيها الجاني إنه كان محبطا يائسا بعدما انغلقت كل أبواب الدنيا في وجهه، وأن والده هو السبب فيما وصل إليه من انحراف لأنه تركه في الشارع منذ صغره ولم يهتم بتربيته، وأن أصدقاء السوء، وأن شمة البرشام، وأن الشيطان كان يجلس في "حجره"، كل هذا قديم ومحروق وشوهد كثيرا في أفلام واقعية تحمل عنوان "لماذا أصبحت مغتصبا؟"- بكسر الصاد- الجديد المرعب هنا هو "كيف وأين نفذ جريمته؟".

إليك الإجابة.. قرر أن يستقل السيارة الميكروباص الأجرة المتوجهة من القاهرة إلى الفيوم، اختارها بشكل عشوائي على أمل أنه سيهدد ركابها في نصف الطريق بـ"خرطوش"- مسدس صغير الحجم- يحمله في جيبه ليفز منهم بما لذ وطاب من موبايلات وذهب وساعات وأموال، وفي منطقة مقفرة "مقطوعة" أخرج مسدسه فعلا، وهدد السائق الذي امتثل على الفور فركن على جنب، هبط جميع الركاب مرعوبين، ثم جمع منهم أشياءهم الثمينة، وطلب من السائق العودة إلى طريقه مجددا، ففعل تاركا خلفه ثلاث سيدات وطفلا صغيرا وحدهم في الصحراء مع مجرم يحمل مسدسا ورغبات تمرح فيها الشياطين، فما كان من المجرم طبعا إلا أن أجبر إحدى السيدات على الذهاب إلى أحد المناطق الأشد إظلاما في الصحراء ثم اغتصبها مرتين، قبل أن يعود بها منهكة إلى زميلتيها وطفلها ويمنحهم جميعا- جدعنة- 20 جنيها لاستكمال المشوار!

تخيلت المشهد؟ السيارة الميكروباص تحمل عادة 14 راكبا بالإضافة إلى السائق يصبح العدد 15، اخصم منهم المجرم والسيدات الثلاث يتبقى في السيارة 11 راكبا، قول منهم 6 سيدات - على اعتبار إن الرجالة ماتوا في العبّارة- إذن يكون المتبقى في الميكروباص خمسة من الرجال في عين العدو، خمسة يحملون في بطاقاتهم الشخصية غير القابلة للتزوير صفة "ذكر" في خانة الجنس، خمسة فيهم اللي بشنبات وفيهم اللي فاتح زراير قميصه على طريقة "تامر حسني"، وفيهم اللي بيشرب "بيريل" بالجالون - على اعتبار إنه مشروب الرجولة المفضل-، ومع هذا ولا واحد من هؤلاء الـ"....."، قرر أن يهاجم ذلك المجرم الذي "استفرد" بثلاث من السيدات في الصحراء- يعني لو كان ملاك هيطلع له قرنين حمر-، وإنما الجميع من – لا مؤاخذة- الرجال عادوا مطأطأي الرأس، منكوشي الشعر من "الخضة"، مهتزي المشاعر من الموقف "الفزيع"، ثم ركبوا الميكروباص الذي أكمل به صاحبه المشوار إلى الفيوم عادي خالص، ومش بعيد كمان يكون ضاعف الأجرة لأنه "مين هيدفع أجرة اللي نزلوا في نص السكة؟!"، قبل أن ينام كل واحد في بيته مطمئن البال هادئ القريرة لأنه – عاش الرجال- تركوا ثلاث سيدات وحدهن في الصحراء مع مجرم!

ثمة أشياء لا جدال أو نقاش فيها، وما وقع في حادثة الفيوم الصحراوي هذه، يكشف بوضوح أن خللا مروعا ضرب في مقتل أهم صفات المصريين الذين كانوا يفتخرون بها دوما بأنه "حتى لو كنا فقرا وحالتنا كرب الكرب بس هنفضل رجالة ولاد رجالة على رأي محمد أبو سويلم في فيلم الأرض"، أسمع من يقول "يعني عاوزهم يدخلوا مع المجرم في عاركة ورصاص طايش هنا ولا هنا تيجي فيهم"، ماتيجي يا أخي! ما يموت يا عم! ألا يوجد فيكم من يعرف ذلك الحديث النبوي الشريف "من مات دون أرضه فهو شهيد ومن مات دون عرضه فهو شهيد ومن مات دون ماله فهو شهيد"، عرضه..هه؟ أم أننا نحفظ "النقاب قبل يوم العقاب" ولا نعرف عن باقي الدين شيئا؟

نسي المصريون قانون فرحان

تن في كل شيء، في حقهم في الحياة الكريمة، وفي انتخابات نزيهة، وفي علاج يليق بهم، وحتى في طوابير لا يموت فيها أحد، غاب عنهم في كل هذه الأشياء وأكثر "رد الفعل ال فرحان

تني" فكان من الطبيعي أيضا أن يختفي رد فعلهم عندما تخطف النساء من وسطهم ليتم اغتصابهن على علم ومعرفة منهم.

هذا هو التطور الطبيعي في الشخصية المصرية، عندما اكتفى الرجال بالفرجة على التحرش بالسيدات في الشوارع، كان من المنطقي أن يهرب نفس الرجال بأرواحهم عندما يغتصب مجرم سيدة في الصحراوي.. أخشى أن يكون التطور القادم هو أن ينتقل فيلم الاغتصاب من الصحراوي إلى قلب المدن، ومن سواد الليل إلى شمس النهار.. فينك يا أبو سويلم؟!

merci

اه فعلا عندك حق فى كل كلمه امته هنصحى احنا اساسا شعب نايم
يلا مشكوره

ميرسى

شكرا لمروركم جميعا
بالنسبة لسوالك يا ميس بنك
على امتى هنصحى
فاحنا هنصحى ان شاء الله
بس انا خايفة اننا نصحى بعد ما يفوت الاوان
او بعد ما تحصل كارثة
اتمنى اننا نفوق من الغيبوبة
وباسرع وقت
شكرا مرة اخرى على ردكم

شكرا يا قمر وعندك حق فعلا

مشكووورة يا جميل فعلا عندك حق فى الكلام ده

شكرا يا سندريلا
على الرد

شرفنى مرورك
يا احلى عيون
وشكرا على الرد

مشكورة على الموضوع الروعة ده