تصلنا أسئلة كثيرة عن علاقة السكتة القلبية أو الذبحة الصدرية بالنوم أو بشكل آخر تصلنا استفسارات عن علاقة النوم بالقلب. وقبل الحديث عن ذلك من المهم أن نوضح أنه يحدث كثير من التغيرات الفسيولوجية والأنشطة المعقدة في مختلف أعضاء الجسم خلال النوم. والقلب أحد الأعضاء التي تتأثر بالنوم والاستيقاظ. وتعد التغيرات التي تحدث للقلب خلال النوم أحد أهم موضوعات البحث العلمي التي لاقت اهتماماً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية. فأمراض النوم تؤثر على القلب ووظائفه ومن جهة أخرى فإن أمراض القلب تؤثر على استمرارية النوم وصفائه وراحة الجسم.
يمر الإنسان الطبيعي خلال نومه بعدة مراحل، يمكن تقسيمها إلى مجموعتين رئيستين: المجموعة التي لا تحدث فيها حركة العينين(NREM) والمجموعة الثانية مرحلة الأحلام أو المرحلة التي تحدث فيها حركة العينين السريعة (REM). وتقسم المجموعة الأولى(NREM) إلى أربع مراحل 1،2،3، 4.وتعرف المرحلتان الثالثة والرابعة بالنوم العميق. ويقضي الإنسان الطبيعي نحو 80% من نومه في المراحل التي لا تحدث فيها حركة العينين (NREM).
وخلال المراحل التي لا تحدث فيها حركة العينين تقل سرعة دقات القلب ويحدث هبوط بسيط في ضغط الدم مما يؤدي إلى راحة القلب.
أما خلال مرحلة الأحلام أو حركة العينين فيحدث ازدياد في سرعة دقات القلب ويرتفع ضغط الدم مما يؤدي إلى ازدياد حاجة القلب للأكسجين. وحيث إن 80% من فترة النوم الطبيعي تكون في المراحل التي لا تحدث فيها حركة العينين (NREM) فإن التأثير العام للنوم هو راحة القلب. وفي العادة لا تؤثر زيادة سرعة دقات القلب وضغط الدم خلال مرحلة الأحلام على القلب في الحالات الطبيعية حيث يصحب ذلك زيادة في تدفق الدم إلى الشرايين التاجية.
ولكن عند المرضى المصابين بتصلب وضيق في شرايين القلب فإن التغيرات التي تحدث في مرحلة الأحلام قد تؤدي إلى نقص في تروية القلب، وقد لوحظ ذلك على نماذج حيوانية في أثناء التجارب العلمية. وهناك بعض الاضطرابات التي تحدث خلال النوم وتؤثر على القلب ومنها توقف التنفس في أثناء النوم بسبب انسداد مجرى التنفس العلوي الذي يصاحب عادة بالشخير وينتج عنه استيقاظ متكرر ونقص متكرر لمستوى الأكسجين في الدم.
وهذه التغيرات (الاستيقاظ المتكرر ونقص الأكسجين) ينتج عنها زيادة متكررة في ضغط الدم ودقات القلب التي بدورها تزيد من احتياج القلب للأكسجين ومن ثم احتمالات نقص تروية القلب خاصة عند المرضى المصابين بضيق في الشرايين التاجية.
وأظهر عدد من الدراسات العلمية أن توقف التنفس في أثناء النوم بسبب انسداد مجرى الهواء العلوي قد يؤدي إلى الإصابة بتصلب الشرايين التاجية وضيقها. وفي دراسة أجريناها في مستشفى الملك خالد الجامعي ونشرت العام الماضي (International J Clinical Practice 2005)وجدنا أن نحو 60% من المرضى الذين أدخلوا إلى العناية القلبية المركزة بسبب حدوث جلطة حادة في القلب أو نقص حاد في تروية القلب مصابون بتوقف التنفس في أثناء النوم.
ومن المعلوم علمياً أن الوفاة المفاجئة التي تنتج من مشكلات القلب تزداد بين الساعة السادسة صباحا والثانية عشرة ظهرا وتقل إلى أدنى مستوى بين الساعة الثانية عشرة منتصف الليل والساعة السادسة صباحا عند عامة الناس. وهذا يمكن تفسيره كما ذكرنا سابقا بأن القلب يرتاح خلال النوم عند أكثر الناس. ولكن هذا الأمر يختلف عند المصابين بتوقف التنفس في أثناء النوم.
فقد نشر باحثون من جامعة مايو كلينيك العام الماضي بحثا في مجلة
انجلاند الطبية أظهر أن الوفيات المفاجئة الناتجة عن مشكلات القلب بلغت قمتها بين منتصف الليل والساعة السادسة صباحا عند المرضى الذين يعانون من توقف التنفس في أثناء النوم. أي أن الوفاة حدثت في أثناء النوم، مما يعني أن النوم غير الطبيعي قد يؤثر على القلب.
ما سبق يوضح أن النوم والقلب مرتبطان معاً في الصحة والمرض وأن على مرضى القلب مراقبة نومهم واستشارة الطبيب في حال الاشتباه في وجود مشكلات في التنفس في أثناء النوم